الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

مدرسة عاشوراء

 مدرسة عاشوراء                   


                      السيد محمد الياسري



عاشوراء مدرسة القيم النبيلة .. ومفاهيم الحياة الهادفة .. تعلم ويتعلم منها المسلمون وغير المسلمين درس الحرية على مر العصور وتعاقب الدهور .
   مدرسة .. رسخت في الذات المسلمة حفظ الكرامة الإنسانية ورفض التسلط الجائر . . وعاشوراء حركة دامية حفزت الكامن في النفوس وأثارته للوقوف بوجه الظلم والظالمين في أي زمان كانوا وفي أي مكان .. فكل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء .
  مدرسة .. لخصت وإختصرت فكر وسلوك أستاذها الأكبر الحسين بن علي بن أبي طالب "ع" وفكر وسلوك أهل بيته  وأنصاره .. وهي دروس لابد للمسلم وغير المسلم من تعلمها لمواجهة تحديات الحياة .
   وما أكثر تلك الدروس .. ولكن ما أقل وأندر من يتعلم الدرس الحسيني .. ليكتشف سر خلود هذه الملحمة ورموزها . . وما أقل وأندر من يتأمل في الواقعة ليتعرف على عبرها ويقف على معطياتها .. ويدرك المعاني الحقيقية لبعض الألفاظ المستهلكة في حاضر الناس .. فتضج الساحات بمقولات لم تفهم بعد كما أراد أبو عبد الله بل لا يراد لها أن تفهم .. التحرر ، الجهاد ، الصلاة ، الإيثار ، الصبر ، البصيرة ، الحياة الأبدية ، حب الله ، حب الشهادة ، الإباء ، الشهامة ، الشجاعة ، الوفاء ، النصر .. وعشرات بل مئات من مصفوفات القيم السامية الحية التي أفرزتها مدرسة عاشوراء .
   فمن عاشوراء نتعلم " كيف نثأر لله وحده لا لإنتساب أو إنتماء أو عصبية أوصيحة جاهلية أرضية.. ونتعلم كيف نضحي بالنفس والولد وبكل غال ونفيس ..وأن نؤمن بالسنة الحتمية القاضية بإنتصار الدم على السيف .. من أجل أن تبقى القيم الإسلامية وهي عينها القيم الإنسانية .. لا نظريات الإنسان القاصرة وحزبياته الضيقة وشعاراته المزيفة وضلالاته العمياء وأهواءه المتلونة ..
   ومن كربلاء نتعلم كيف نحمل القرآن شعارا ومنارا وهاديا ومبشرا ونذيرا .. قولا وعملا .. وهو الذي يهدينا للتي هي أقوم ويجنبنا الإنحرافات الأخلاقية والثقافية والسياسية والإجتماعية .
   ومن عاشوراء نتعلم أن المبدأ والرسالة قمة مقدسة تحرم المساومة عليها ويمنع التنازل عنها ولا يسترخى إزاءها ..   (( أشداء على الكفار رحماء بينهم )) .. في ذات الوقت الذي يتطلب القبول بالآخر كما هو لا كما نريد ونحاوره فيما عنده وما نريد دون مجاملة فكرية أو سياسية .
  ومن عاشوراء نتعلم كيف نقضي على أمراض فتكت بأمم من قبلنا كانت سببا من أسباب قتل الأنبياء والأولياء والتنكيل بهم .. وهي أمراض الإنهزام والتراجع والتخاذل والتواكل والضعف والخور .
   وإذا أردنا أن نكون تلامذة هذه المدرسة فعلينا أن نحرك الروح والكلمة والمال في خط الدعوة والخير .. وأن تنعكس شعارات كربلاء على طريقة تفكيرنا وتعاملاتنا وسلوكياتنا ..
 (( لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما )) و (( لا نبالي أن نموت محقين )) و (( والله إن قطعتموا يميني إني أحامي أبدا عن ديني وعن إمام صادق اليقين )) و (( الموت معك ياعم أحلى من العسل )) و (( الهي لك العتبى إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى )) و (( هيهات منا الذلة )) و (( إنما خرجت لطلب الإصلاح )) و (( على الإسلام السلام إذا إبتليت الأمة براع مثل يزيد )) و (( أنا أحق من غير )) و (( من كان فينا باذلا مهجته فليرحل معنا )) ..
    ومن أصحاب الحسين ع نتعلم الطاعة الخالصة للإمام والتنسيق التام مع قيادته والشجاعة الفريدة والمصابرة والتواصي والصمود وعدم المساومة .. والإنقطاع عن كل شي ماخلا الله تعالى .
   والدقة والتنظيم والإنضباط والمقاومة والوفاء بالعهد والأصالة والتحرر ولإستغناء عما سوى الله سبحانه واليقين والبصيرة والبناء الروحي .. فكانوا بحق خير أصحاب وأوفى أنصار .
    سيبقى عاشوراء درس جهاد وفداء لجميع المظلومين الثائرين والذين ينشدون الحرية .. وستبقى كربلاء درسا بليغا في الحرية .. فتلك أولوية كبرى من أولويات  نهضة الحسين وثورته وقد عبر عنها كثيرا (( موت في عز خير من حياة       في ذل )) وقال (( لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد )) وفي خطابه لجيش العدو قال (( ياشيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم )) .  ­


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق